الخميس، 18 يوليو 2019

كحل وحبهان



رواية (كحل وحبهان)

عُمر طاهر هو عُمر طاهر، لن يمرر الحكاية دون استخدام مواد أطال البحث فيها فتلبسته، مواد متداولة بين الكافة ولكن طاهر يتناولها بالتحليل فيُضفي عليها شيئاً من روحه فتصير وكأنها من اكتشافه، فهذا محمد منير، وذاك سخان المصانع الحربية ذو الشمعات الست، والمدخنة بطربوش أبيض، ثم علي الحجار وهو يغني كلمات عصام عبد الله رحمه الله (وان قلتي وداع أنقسم اتنين، فارس متمرد ع القوانين)، ثم العشق الأسمى لتفاصيل البيت المصري بكل زخمه، فهذا العمل يُعد سيرة ذاتية للطعم واللون والرائحة، على غرار الطول واللون والحرية.

فإذاعة الاغاني، وصنايعية مصر، ليست مجرد كتب أصدرها وانتهى أثرها في الكاتب بالنشر، وإنما تعد تجربة حياة لعمر طاهر، ولكثير من جيله، ويخيل لي أنني لو قابلت الكاتب ودار بيننا حوار، لن أبذل كثيراً من الجهد في البحث عن مشتركات للحديث؛ الأغاني والألحان العبقرية، والصنايعية وما صنعوه، ومشكل مربى قها، والمسقعة البايتة، وروائح الذكريات تكفي.

عيب الرواية أنها سردية أكثر من اللازم، والأحداث فيها ثانوية وهامشية، والحوارات مقتضبة، الرواية انحازت فقط للوصف المحض وأسهبت فيه، 

ولكني لا أريد أن أُنهي عرضي بمَثلبة، فقد استمتعت بالقراءة، وهي غاية معتبرة عندي، حتى السرد لم يكن مملاً، ونتج عنه مشاهد عبقرية، تستمد العبقرية من اشتراك معظم البيوت المصرية في مثيلاتها.

الكحل تابل النظرة، والحبهان سحر وقور، غموض التجربة الجذاب، والست مديحة كامل يجتمع على حسنها الكحل والحبهان.









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق