الخميس، 6 فبراير 2020

سيد حجاب

سيد حجاب                            بوابة الشروق

رحلة شعرية عامرة تربوا على النصف قرن، رحلة شعرية خاصة جداً بما تتضمنه من مصطلحات فريدة ومشاعر بكر ومشاهد من قلب الطبيعة، طبيعة الفتى الذي نشأ على ضفاف بحيرة المنزلة، ليُنصِف الصياد والسمان والحمام والشبكة وجنية البحور، ويستبدل محدودية الرزق برحابة المعنى.


حبيبي عم سيد حجاب (رحمه الله رحمة واسعة) بطل طفولتي الخفي بامتياز، كلما أحببت عمل موسيقي كبرت لأعرف أنه كان فارس الكلمة فيه، بدءً من أغاني عفاف راضي المهدهدة لطفولة جيل الثمانينات، ثم إيمان الطوخي، وعلي الحجار، وتترات المسلسلات والفوازير التي شكلت وجدان المصريين جيل من بعد جيل.

أكثر ما أحزنني في مجموعة الدواوين التي أصدرتها الهيئة المصرية العامة للكتاب في طبعة خاصة على هامش معرض كتاب ٢٠١٨، أنها صدرت مجزأءة وليست في ديوان واحد، واقتصرت فقط على الدواوين الشعرية، ولم تتضمن الأشعار الغنائية، على عكس ما تضمنته الأعمال الكاملة لصلاح چاهين، وفؤاد حداد.

أعجبتني جداً فكرة الإحالة لموقع الهيئة المصرية العامة للكتاب لسماع ديوانين بصوت سيد حجاب، أثروا التجربة الشعرية كثيراً.

في رمضان ٢٠١٩ على شاشة إحدى قنوات النيل المتخصصة، شرفنا بمتابعة برنامج يومي مزامن لوقت الإفطار يقدمه الشاعر شوقي حجاب الأخ الشقيق لعمنا سيد حجاب، واستمتعت كثيراً بالبساطة والتلقائية والتجربة الشعرية له، ولما قرأت دواوين سيد حجاب شعرت أن النشأة المشتركة لها كبير الأثر في تشكل تجربة الأخوين.


في مجموعة دواوين سيد حجاب، تطور ملحوظ متسق مع حياة حقيقية، الغريب فيها أنه أكثر من ذكر الليل والضلمة والغرق والموت في أولاها (صياد وجنية) ثم اختصر الحياة كاملة في مجموعة كلمات في الديوان الثاني (في العتمة) كلمايتي.. غنمايتي.. عصايتي.. آيتي.. رايتي.. سرايتي.. قمرايتي.. جمرايتي.. مرايتي.. تمرايتي.. منجايتي.. كمنجايتي.. رحياتي.. كلمايتي.. بدايتي.. دايتي.. مشايتي.. ربايتي.. كلمايتي.. غايتي.. نهايتي.. حفرايتي.



وفي الديوان الثالث (نص الطريق) نعى فيه الوردة والغربة والأحزان وفراق چاهين، وفي الرابع (أصوات) يعبر عن تجربة سفره وغربته على هامش أصوات الآلات الموسيقية، وفي الخامس (قبل الطوفان الجاي) طفح الكيل وتنبأ قبيل النبأ، وفي السادس (وسط الطوفان) كان الأمل والحسرة.

رصد الحزن والألم والموت في دواوين سيد حجاب ليست قتامة، وإنما إدراك لحقيقة الحياة، المليئة بالأمل وبفخر الأجداد الظاهر في الاستعانة بحوريس وإيزيس والتعدد الفكري والعقائدي للمصري على طول مشواره.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق