الاثنين، 13 ديسمبر 2010

مصر ما قبل الفتح الإسلامي (602 - 631)م

مِصرُ ما قبْل الفَتح الإسلامي

(منذ عام 602 وحتى عام 631 ميلادية)


هرقل عظيم الروم


· فى مُستهَل القرن السابع عشر كانت مِصرُ - ومُنذ مَجمع خلقيدونية(1) وعلى خلفية ما سبقه من مَجامع - تضمر بداخلها المآسي والصراعات بعض أحيان وتموج بالثورات أحياناً أخرى والتي يصعُب فَصل الطبيعة الدينية فيها عن السياسية والإجتماعية ، وصَادف هذا المَسلَك العام في القِبط ْ (أهل مصر) إضمحلال الإمبراطورية البيزنَطية والتي إزدادت وتيرة زوالها بما إشتُهر به الإمبراطور (فوكاس) والتي بدأ حكمه (602) ميلادية بظلم في الحُكمْ وفساد في الخُلقْ والخِلقة وما ألحقه بمصر وأهلها من ظلم جائر وإجبارهم على إعتناق المذاهب الملَكانية (التابعه للقصر الملكي) وإستنزافُه للأسكندرية حيث مزارع القمح والفواكه ومَدرة الأموال والخمور على الإمبراطورية.



· وفيما كانت مصر تَموج بمثل هذه الثورات كان (هرقل) - وهو المحارب الفَتيْ المولود لأبيه الملقب بهرقل الأكبر والذي كان قائد الجيوش الرومانية في حربها مع الفرس - يتهيأ مع صديقه ووكيله (نيقتاس) بتدبير ثورة تتطيح بحكم الإمبراطور البيزنطي وما كان السبيل لذلك إلا بفتح مصر ، ورسما سوياً بدأ هذه الثورة من إقليم بنطابوليس أو بمسماه العربي (برقة في ليبيا حالياً) ، على أن يسلُك نيقتاس الساحل ليصل إلى الإسكندرية ويستولي عليها فتضعف بذلك شوكة الإمبراطورية في الوقت الذي يصل فيه هرقل إلى القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية فيطيح بحكم فوكاس ، ولاقت هذه الثورة ترحيباً في الأسكندرية أملاً في تخليصهم من عذاب فوكاس بإستثناء بعض المقاومات المواليه لحكم فوكاس والتي تغلب عليها نيقتاس مُعتلياً بهذا حكم مصر في الوقت الذي انتصر فيه هرقل على فوكاس وتقلد بذلك مقاليد الدولة البيزنطية عام (610) (2) ، وقد ذُكر فيما ذُكر وهو الأمر العجيب أن هرقل قد تردد في بادئ الأمر في لبس التاج إلى أن أتم ذلك وفق التقاليد الكنسية.



· وفي ظِلْ هذا الحُكم الجديد أصبح نيقتاس حاكماً على مصر وبمثابة نائباً لهرقل فيها ، وكانت مصر من حيث الإدارة موضوعة على الجملة في أيدي بيزنطية لا سبيل من الأقباط إليها ، وعلى الإطار المُجتمَعي كانت الإسكندرية شاقة في الإدارة حيث كانت تعمر بمختلف الأجناس من القبط والإغريق واليهود والعرب والسوريين وغيرهم من الأجناس وكان الأقباط في أسفل هذا السلم الطبقي ويرجع هذا الهوان إلى بدايات القرن الأول الميلادي وما لاقوه من تعذيب وإضطهاد من البطالمة الوثنيين مروراً بالإغريق ووصولاً إلى البيزنطيين المسيحيين ولكنهم على عقيدة مخالفة لعقيدة الأقباط المصريين ، وكان أهلها على العموم يتميزون بالعصبية لمعتقداتهم المجردة وكانوا على الإستعداد للفداء بأرواحهم وأرواح غيرهم في سبيل التعصب لفروق طفيفة في المُعتقَد الواحد ، وبشئ من التفصيل كانت المسيحية في مصر هذا الوقت منقسمة لحزبين الأول هو حزب اليعاقبة (الأقباط) والثاني هم الملكانيين (الرومان التابعين للمذهب الملكي) وكان كل منهم يسعى جاهداً لمحوا آثار الفريق الأخر من القلوب ، وبرغم ما شهدته القبط في بداية حكم هرقل ونيقتاس من محاولة الرفق بعقائدهم ومحاولة التقريب بين المذهبين - لاستمالة قلوب المصريين وتسهيل الحكم فيها - إلا أنه كان هناك دائماً ما يكنه كل فريق للآخر وخصوصاً في ظل رُجحان الكفة مُعظم الوقت لصالح المَلكانيين حزب الإمبراطور.



· وعلى الجهة الأخرى كانت الفُرسْ - تحت إمرة كِسرى الفُرس (خسرو بن هرمز) - هي النِدْ لقوة الروم في ذلك الوقت تَسوق قواتها لغزو الشام بقيادة القائد (شاه- ورز) وأنزلت ما أنزلته بالمسيحيين في بيت المقدس من عذاب وهوان ، وكان ذلك في السنة الخامسة من حكم هرقل أي حوالي عام (615) (3) ، ومن نجا بحياته من هذا البطش نزل لاجئاً إلى القرى المسيحية في بلاد العرب وكان النصيب الأكبر من إستقبال هذا اللجوء للإسكندرية (مصر) حيث لاقوا كل ترحيب ويذكر التاريخ في هذا العهد الفضل الذي آبداه مُطران الأسكندرية الملكاني (حنا الرحوم) - والذي يعد قديساً في نظر المسيحيين يعاقبه وملكانيين - في العناية باللاجئين إلى أن إستتب الأمر وعاد بعضهم إلى بيت المقدس وإختلط البعض الآخر في النسيج السكندري.



· ولما أتم الفتحْ الفارسي لبيت المَقدِس مُراده بدأت حَملة أخرى بقيادة قائد فارسي يسمى (شاهين) التحرك لفتح مصر عام (617) وكان مَسلكهم يبدأ من العريش ثم السير بمحاذاة وادي النيل إلى الأسكندرية ولم يَلقوا في طَريقهم هذا ثَمة عَناء إلا أن الأمر بدأ يَزخم ضَجراً عند حِصار الإسكندرية بما لها من أسواراَ حصينة التي أقامها الإسكندر الأكبر بوصاية معلمه أرسطو عند بناء المدينة ، وطال حِصار الفُرس عند هذه النقطة الأمر الذي أضرم في قلوبهم الحقد والشقاء فأضرموا النار في الأرياف القريبة من الأسكندرية وأنزلوا البأس بالكنائس والأديرة بإستثناء ما يَبعُد مِنها عن المدينة ، وفيما كانت الأسكندرية يُظاهِرها البحر في مواجهة الفُرس ويأتيها من خلاله المَدد عن طريق الروم المُسيطرين عليه كلياً ، فقد تَسلَل الفُرس بهدايه أحد الخونه الى إحدى المداخل التجارية ضعيفة الحراسة وتملكوا أمر الأسكندرية ، واشتد ما أزاقوه لأهلها من عذاب وتنكيل الأمر الذي اِضطر معه نيقتاس - الحاكم البيزنطي على مصر - الى الهرب برغم ما عُرف عنه من شجاعة في الحرب وصحبه في الهرب المطران الملكاني حنا الرحوم ، وكان ذلك في عام (618) وأخذ الفُرس في المَسير نزولاً حتى صَعيد مصر ، وهنا تجدُر الإشارة إلى جَحدْ الزعم بترحيب الأقباط للفُرس التي كانت لا تزل أيديهم مُلطخه بدماء مَسيحيي بيت المقدس والشام اللاجئين اليهم وبما نَزل بهم شخصياً على أيدي جنود الفرس.



· لبث الفُرس في حُكم مصر على الإجمال عَشرْ سِنين تقريباً – حتى (628) - منهم ثلاث أعوام تمهيداً وترسيخاً لحكمهم في طول مصر وعرضها وما جاورها من أمصار ، وإستقر حال من بقى من الأقباط وغيرهم تحت السيادة الجديدة تحاول أن تدواي الجراح الغائرة التي ألمت بها إثر هذا الإستبدال ، ولم يَردِ عن حُكم الفرس لمصر فى تلك الفتره الكثير إلا أن المعلوم أنهم لم يكونوا من القوة في أمر دينهم - أو ربما بسبب مسلكهم المقارب للإعتدال وقت السلم – وأنهم لم يستطيعوا إجبار الأقباط على إعتناق عبادة النار ، ولم يبقى من آثارهم في تلك الفترة في مصر سوى القليل من تماثيل (ميثرا)(4) الموضوعة فى المتحف المصري وما بناه (السلار) أي الأمير الفارسي وهي قلعة (طراوس) أو قلعة الفرس شرق الأسكندرية ولم أهتدي إلى ثمة معلومات عنها حالياً.



· وفي الوقت الذي إشتدت فيه غَلبة الفرس بفَتحهم الشام ومصر وما حولها ، باءت فيه مُعظم مُحاولات هرقل للصُلح وإزدادت خسارته الإقتصادية بإنقطاع الجزية والمحاصيل التي كانت تأتيه من الأسكندرية وفَترت هِمة جُنده الحربية ، إلا أنه ومع مشيئة الأقدار إستنهض هرقل الجند وجمع الأموال من الكنائس وأعد العُدة لملاقاة الفُرس (وساعده في ذلك أن الفُرس لم تكُن لهم سيادة على حَرب البحر ولم يُدركوا فنها كما أدركه الروم وكما أدركته العرب من بعد و قبل إنقضاء هذا القرن ، ولو تعلم الفرس هذا الفن وإستفادوا من ميناء الأسكندرية لسيطروا على الأقاليم المُطلة على البحر المتوسط ولنَفَذوا إلى قلب دولة الروم ومن هنا إنقلبت الموازين لصالح الروم مرة أخرى) وصلى لله ليُظهره على عَدوُه وبدأ مَسيرته لإسترداد كرامة الروم والمسيحية من الفرس في عام (622) (5) وأخذ ينزل البأس بالفُرس في كل موقعة تجَمعهُما من أول إنطاكية وخلقيدونية على أطراف الشام وحتى جلاء الفرس نهائياً عن الأسكندرية عام (627) بعدما إنحسر ملكهم عنها ولاقوا الهزائم تباعاً ومات كسرى عام (628) وإستعاد هرقل مُلكة وَقدره.



· وفي عام (629) قَصد هرقل بيت المقدس حاجاً مُظفراً بالصليب المُقدس التي إستعاده من إيدي الفرس ليودعه بيت المقدس وتمت مراسم إعلاء الصليب التي تقام إلى الأن في الكنيستين الشرقية والغربية ، وأخذت شمس هرقل تتوسط كبد السماء كونه فارس الصليب ، وفي هفوه سياسية إنتقامية أخذ في إبادة اليهود في أنحاء مملكته إنتقاماً منهم على تعذيبهم المسيحيين ومساعدتهم للفرس ، وأجلى من بقى منهم هرباً خارج القدس ، وإشترك (الأقباط) في تلك التصفية عام (630) بما لاقوه من غدر اليهود والتنكيل بهم في الأسكندرية عند غزو الفرس ، ثم بدأ هرقل في إعداد إقرار توفيقي بين المذاهب المسيحية القبطية والملكانية بأن لا يخوض المسيحيين أبداً في طبيعة المسيح مع إقرارهم بإن له إرادة واحدة وائتَمن على ذلك المذهب قساوسه تابعين له في المنهاج وكان ذلك سبب تنصيب (قيرس) - المعروف عربياً بـ (المقوقس) أي المبجل أو الحاكم – على مُطرانية الأسكندرية وكان ذلك عام (631).



· وعاصرت تلك الفترة الدعوة العالمية للإسلام وإرسال الرسول صلى الله عليه وسلم الكتب لملوك العالم للدخول في الإسلام ، وتلك مرحلة إنتقالية هامة في تاريخ مصر حيث أنها تربط العقلية القبطية البيزنطية قبل الفتح العربي مع الصبغة الإسلامية العربية التي صاحبتها منذ الفتح وحتى الأن ، ومن ثم فلنا معها بحث ودراسة.


شخصيات المرحلة


· (فوكاس) إمبراطور بيزنطي تولى الحكم من 602 وحتى 610 ميلادية ، وكان حكمه ظالم جائر وسقط إثر ثورة هرقل عليه.

· (هرقــل) الإمبراطور الثائر على حكم فوكاس وحكم من 610 وحتى 641 ميلادية تاريخ الفتح الإسلامي ، وتخلل حكمه غزو الفرس للشام ومصر ، ثم إنتصر على الفرس ، وكان يعرف عنه أنه فارس شجاع ، وكان يميل إلى التوفيق بين الذاهب المسيحية ، كما شابته إنحرافات سياسية وأخلاقية ، وعاصر دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم ثم إنتهى حكمه بالفتح الإسلامي.

· (نيقتاس) نائب هرقل في حكم مصر وهرب عند غزو الفرس لمصر.

· (حنا الرحوم) المطران الملكاني في الأسكندرية التابع للقصر الملكي البيزنطي وكان عطوفاً يساعد كل المحتاجين ويعد قديساً عند المسيحيين ، وهو من أصل قُبرصي ويطلق عليه في مصر الأن القديس يوحنا الرحيم ، وهرب مع نيقتاس عند غزو الفرس لمصر.

· (خسرو بن هرمز) كسرى الثاني : ملك الدولة الساسانية (الفرس) من 590 وحتى 628 ، فتح الشام ومصر في عهد هرقل ، وعاصر دعوه الرسول صلى الله عليه وسلم ، واستولى على الحكم بقتل أبيه ، وقُتل هو على يد إبنه.


آثار ومعالم المرحلة

· تماثيل إله الفرس (ميثرا) منذ الفتح الفارسي لمصر عام 618 ميلادية إلى 627 ميلادية – والموضوعة في المتحف المصري.

· خرائب الكنائس والأديرة التي إجتاحتها جيوش الفرس عند فتح مصر والموجودة في برج العرب فى الإسكندرية


صور الشخصيات والمعالم



___________________________
(1) مجمع خلقيدونية المسكوني (العالمي) الرابع المُنعقِدْ عام 451 ميلادية ، إهم آثاره إنفصال الكنيسة القبطية (المصرية) عن الكنيسة الغربية (الرومانية) لإعتراض الأولى على الهرطقات (البدع) التي تثار بشأن طبيعة المسيح وتمسكها بالطبيعة الواحدة اللاهوتية للمسيح.

(2) تزامن هذا الحدث – ترسيم هرقل ملكاً على الدولة البيزنطية – عام 610 ميلادية بدأ بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وهو في الأربعين من عمره بمكة.

(3) تزامن هذا الغزو عام 615 ميلادية مع دعوة رسول الإسلام صلي الله عليه وسلم وفيما كان وأصحابه يفضلون ظهور الروم (من أهل الكتاب) على الفرس (أهل الأوثان) نزلت الأية الكريمة بنبوءة إنتصار الروم بعد بضع سنين (غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ) من سورة الروم.

(4) (ميثرا) هو الإله الحامي للفرس ويعرف بأنه وسيط بين الإله (أهورامازدا) إله الخير والإله (أهريمان) إله الشر في الثيولوجيا (اللاهوتية) الفارسية ، وكان الإله (ميثرا) واسع الإنتشار في العصور القديمة وكان جمع كبير من ملوك الروم يعبدونه ويحضون على عبادته برغم عدائهم مع الفرس ، وفيما ينقل أنه يُعرف في العربية بإسم (ميهرا) ومنها اشتقت الكلمة العربية مهرجان إى الإحتقال بالإله (ميهرا).

(5) تزامن هذه الحدث – إسترداد هرقل مُلكه من الفرس – عام 622 ميلادية هجره الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة في أواخر السنة الثانية عشر من البعثة المحمدية عام 610 ميلادية.



المراجع:

· كتاب فتح العرب لمصر – سلسلة صفحات من تاريخ مصر – تأليف ألفريد ج بتلر في عام 1902 ، ترجمة وتعريب محمد فريد أبو حديد بك ، الطبعة الثانية 1996.

· قصة فتح مصر – من القبطية إلى الإسلام – تأليف حامد سليمان ، إيداع 1988.

· فتح مصر ، د.جمال عبد الهادي ، جامعة أم القرى ، إيداع 1999.

· بعض الأبحاث عن الأماكن والأشخاص في ويكيبيديا ، والبحث عن الصور من محرك البحث جوجل



ملحوظات:

· الموضوع عبارة عن تلخيص شخصي ومنهجية ذاتية في البحث والإطلاع ، تحريت فيها الدقة قدر المستطاع ، مع حفظ حقوق الملكية الفكرية عن الصيغة المستخدمة فى التلخيص والتنسيق ، وحفظ حقوق الملكية للصور الواردة في الموضوع لأصحابها.

الاثنين، 6 ديسمبر 2010

فركِة كعب ( هجرة للداخل )


  • (فركة كعب) هو مُصطلح بالعامية المِصرية يُستخدم في التعبيير عن قُرب المسافات وسُهولة الوصول إليها بالأقدام ومن هذا المُنطلق .. تَكون فِعلاً مُجرد فَركة كَعبْ هي المسافة التي تَفصلنا – مَكاناً – عن كثيراً من الآثار والمتاحف (فرعونية ، يهودية ، مسيحية ، إسلامية) التي تُحيط بنا وَنمرُ عليها ذِهاباً وإياباً غير عابئين بها بل وربما يَرتبط قلبنا بها شذراً إرتباطاً بسلبيات أحاطت بها مع تقدم الزمن وعدم الإهتمام بها وتراجع إدراكنا بمكانتها ، والخزيُ هُنا أن ذات فركة الكعب تَفصلنا – زماناً – عن العصر التي خَلفْ تلك الآثار ، فلا نَعيشها ولا تَربطنا بها رابطة أو حنين ، في الوقت ذاته التي يتعلق بها قلوب السائحين ليتوغلوا في عُمق روحها وعصرها وقيمتها الجمالية والتاريخية ، ونستطيع بكل بساطه أن نلمح على وجوههم علامات الدهشة والرضا لزيارتهم الأماكن التي نراها ولكن بشكل مختلف ، وترجع نظرتنا غير العابئة ليس فقط إلى التعود ولكن إلى الإهمال وعدم الإكتراث وشعورنا بعدم وجود روابط بيننا مع أنها تخصنا في المقام الأول ، فهي تراثنا.
  • ومن هنا قررت أن أولي وجهي شطر هذه الأماكن ، التي نحيا حولها ولا نحياها بمعانيها وبهائها ، وتوجُهي هذا لابد أن يكون منهجياً ، فوجدت أنه لابد أن أعيد دراسة تاريخ تلك الأماكن وما خلفته من أثار ومعالم وكذلك التعرض لنتاج أشخاصها بالدراسة وأن أبدأ جولات ميدانية لها وإستجلاء روح عصرها.

  • ومنبع الإهتمام هنا هو البحث في الهوية والرغبة في إستبيان الإعتقاد والوجودية بشمولية ( الإيمان والمكان والزمان ) بمعني آخر تدعيم هويتي الدينية التاريخية الوطنية – وما كان مني هذا المَسلكْ إلا بكرَاهيتي ومُقْتي لِواقع الحال وما صِرنا إليه فتكون هذه الدراسة بمثابة هجرة فعلية داخل التاريخ بعمق الزمن ، على أمل أن أجد لي بأحدْاثِها شأناً أو يُفتَح لي بدراستها باباً بعدما غُلقتْ على روحي أبواب الحاضر ، فضلاً عن عدم جدوى دراستها إجباراً كما حدث في المقررات الدراسية العقيمة منزوعة الهدف والمعالم التي أقتطعت من أعمارنا دون إدراك وخلفتنا ورائها دون مُعين ، وهذه الفكرة (تدارك التاريخ) قد إجتذبت شخصيات طالما إفتخرت بها مصر ( جمال حمدان ، جمال بدوي ، جمال الغيطاني ) مافضلش غيري أنا وجمال مبارك !!! – وغيرُهم مِمنْ لا أتذكر أو مِمنْ لم تُتح لي فرصة القراءة لهم – وليس الأمر أننى أتشبه بهؤلاء العمالقة ولكن يبقى لي كل الحق في إتباع الفكر والمنهاج وإنْا لعلى الدرب سائرون ..

  • والإشكالية هنا من أين سأبدأ المسير فلطالما حَظيت مصر بحضارات مختلفة وتعددَ تُراثها ، وبما أن الفكرة شمولية فتستلزمها بالضرورة دراسة مصر من مهد التاريخ ضرباً في عرض الزمن وطوله وصولاً إلى إنتخابات الإعادة - التي إقيمت أمس تحت وطأة التزوير والتجاهل - ولكن البحث سينقسم لمراحل قائمة بذاتها تتخللها مراحل إنتقالية ثقافية أو مادية ، وعلية سنبدأ بداية مشفوعة بالإطلاع على العقلية المصرية قبل الفتح العربي ثم دخول الإسلام وتتابع العصور بَعدها ، ثُم إن قدر الله وفرغت من ما يسمى بالعصر الوسيط سوف يتبعه العصر الحديث ، أو أي مرحلة تفرض نفسها على السياق.

  • وتلك هي أدواتي في تطبيق هذه الفكرة :

1. قراءة كل ما يمكن قرائته عن الحقبة التاريخية

2. دراسة الشخصيات المعاصرة والمؤثرة فيها
3. إستبيان آثارها وحصرها والقراءة عنها
4. النزول الميداني وزيارة الأثر واستجلاء روح العصر فيه
5. الإهتداء بالخرائط لتوثيق الآثار


ملحوظات :


* الفكرة والدراسة والتطبيق خاضعة بشكل أساسي - لا لبس فيه - لنتاج عقلي شخصي ( وما يستتبعه بالضرورة من معتقدات ورؤى ذاتية ) مع إحترامي لأي فكر مخالف ، أخذاً بمقولة الإمام الشافعي رحمه الله "رأيي صوابٌ يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب" وخصوصاً أنها دراسة غير أكاديمية لا تخضع سوى للمعايير الذاتية

* مصطلح (فركة كعب) مُقتبس حرفاً ومعنى من ديوان للشعر العامي بذات المسمي - الديوان لشريكة حياتي "أعز الناس لقلبي"

* مع حفظ حقوق الملكية للصور المرفقة بالموضوع لأصحابها الغير معلومين لدي - علماً بأن إستخدامها هنا وارد في غير الأمور التجارية

الجمعة، 3 ديسمبر 2010

المهاتما غاندي ( نبي بلا وحي )


دون إهمال أو إسهاب هو موهنداس كرمشاند غاندي والملقب بالمهاتما (القديس) غاندي ، ولد في عام 1869 وتوفى عام 1948 ، لأب وأم هندوسيين من طائفة شديدة المحافظة وكان لأمه كبير الأثر في زرع روح الطهر وسبل الحق في قلب الطفل ، وكان غاندي متمسكاً إلى أبعد الحدود بالإنصياع إلى أوامر الكبار وإحترامهم جم إحترم وخصوصاً حينما يتعلق الأمر بوالديه وعائلته ومعلميه ، تزوج وهو فى الثالثة عشر من عمره ، ثم انتقل إلى بريطانيا وتلقى فيها دراسة القانون وحصل على إجازة المحاماة وعاد أدراجه إلى الهند ثم إلى جنوب إفريقيا - مهد كفاحه المديد - ثم إلى الهند مرة أخرى متوجاً بالألقاب والمكانة المرموقة.
-

ولا شك أن تلك الحقبة التي شهدت حياة غاندي كانت عصيبة على الهند كمثيلاتها من الأمم التي كانت تتسارع على إستنزافها الدول العظمي ، كما أن الهند بطبيعة الحال ماكانت لِعُمرها - بإستثناء ما قد يدْخِرهُ التاريخ - أُمة واحدة بالمعنى التي تُحققة كثيراً من الدول حيث أنها تَحوى تَشكيلاً مُختلفاً من الأعراق والديانات واللُغات وخُصوصاً حين تَترامى أراضيها وطبقاتها على إتساع رقِعتها ، وكان لذلك كبير الأثر أن تكون النزعة الروحية والدينية هيا الملجأ الذي تُحمى من أجلهِ الألسِنة وتُلهبْ فى سبيلة العقول وما تتصِف به من سُبة التمييز الطبقي.

-
(الساتياجراها)
وضع غاندي نصبْ عينيه في مراحل حياته المختلفة إتباع الحق والمحبة طريقاً وإتخذهما دِيناً قبل إن تَكتمل مَعرفته حتى بالإله ولم يحيد عنهما طالما حيا إلا بالقدر الذي اسِتتبعهُ تدارك مرحلة وإْتباعها تطور عقائدي بالتقويم أو التثبيت وهو ما أشار إليه بأن هذا الحياد إن تم فيكون لمجرد إختلال الطريقة وليست لعيب فى الهدف والمبدأ ، ولما كان غاندي قد أصبح روح الهند التي تكالبت حولها القلوب والعقول بالإسترشاد والإتباع حتى رد لها ضالتها وكان سبيله إلى ذلك هي الحركة التي أطلق عليها ( الساتياجراها ) أو المقاومة المُنزهه عن كل عُنف ومعناها القوة المُنبعثة من الحق والخير ، وهي الحركة التي جاوزته جميع مِحنهِ فى الحياه وكانت قرينته في كل كفاح يخوضه ، ويرى غاندي أنها تختلف عما يُطلقه عليها منتقديها من مصطلح ( المقاومة السلبية ) حيث يرى أنها تعتمد بالمقام الأول على القوة المُنبعثة من الأفراد فى التصدي لكافة المظالم التي يتعرضون إليها بضبط النفس ( أهمسا ) فى مراحل العصيان المدني الخالي من أي شغب أو عنف ، بل وأن القوة التي تتوهج من المحبة التي يكنها الفرد لكل الكائنات الحية جديرة بأن ترد تلك المظالم عنه.
-
وإن حاز غاندي في حياته أو من بعدها على كل تقدير وإحترام فإن ذلك مردْهُ أنه وهب حياته وكامل أدواته وأصبحت بشكل أو بأخر موقوفه للناس على إختلاف ألوانهم وأجناسهم ودياناتهم طالما إحتاجوه أو إرتأى هو أنهم يحتاجوا إلى حِثه لهم والوقوف بجانبهم لدرء المظالم عنهم ، ولم يتأتى هذا الأسلوب من فراغ أو تقلد مآسي الناس كزعامة إصلاحية وإنما بإتباع الحق في مواجهة الصعوبات التي تتقدم كل كفاح يخوضه من أجل الناس ويُحمَد كل الحمد في روح غاندي سمتين شكلتا مسيرة حياته الأولى أنه يجوب الأقطار ذهاباً وإيابا طالما تداعى إلى سمعه محنة قوم من الفقراء أو مظلمة من عمال أو فلاحين ، يستقر بينهم يتدارس ويحقق ظروف محنتهم ويستجلى الحق فيها ثم يهب مطالباً مكافحاً مسالماً غير مبال بأي مصالح شخصية ولا يضن عليهم بوقت أو جهد ـــ والسمة الثانية أنه في كفاحة يركز كل طاقاته على أن يصبح هو ككيان بشري النموذج الذي يخطف عقول وسلوك أتباعه فلا يأمرهم بطريق إلا أن يكون أول منتهجيه حتى يصبح القدوة ، ويرى في هذا الشأن أن لكل ساعٍ للإصلاح لابد أن يكون على قدر كبير من الإلتزام والصبر وخصوصاً لأن أول منتقديه ومثبطي عزائمة سيكون من أتباعه قبل أنداده.
-
ويعزى لسلوك وتفكير غاندي في طريق كفاحه إنشاء نماذج رائعة (فى أماكن مختلفة في جنوب إفريقيا والهند كمزارع تولستوي وفينكس) لمجتمعات تقوم على الإكتفاء الذاتي في جميع النواحي الإنتاجية والصناعية والتربوية كانت عبارة عن مزارع أو مأوى لجموع المُعتصمين ، وكانت تلك النماذج خير معين له في طريق الكفاح والإعتصامات المدنية وصب روح الإكتفاء في قلوب أتباعه والأجيال القادمة من أولاده وأولادهم ، والإعتماد على النفس ، ولقى في هذه المجتمعات التربة الخصبة لزرع بذور المواطنه وعدم التفريق الطبقي أو الديني بين أفرادها وكانت فرصته لرفض مبدأ إقصاء المنبوذين التي كان يعتبرها سُبة في جبين التقاليد الهندية
-

(مواقف حياتيه)

· رغم نشأة غاندي على روح الحق التي ثبت عليها طوال حياته إلا أنه حظي في مقتبل العمر ببعض الإنحرافات والتي يرى أن الله كان له الفضل في أن ينتشله من الإستمرار فيها ( حيث أن الإنسان لا يستطيع أن ينكر أن الله يهيئ لعباده سبلاً - دون إدراك منهم - لخلاصهم من موبقات تَلم بهم وتعيدهم أدراجهم لطريق الحق ) ، لازم غاندي صديق سوء صاحبه فترة طفولته - رغم نصح والديه له بالإبتعاد عنه ورفضه ذلك بحجة محاولة إصلاح ذلك الصديق – وعلى إثر تلك الصداقة عمد غاندي طوال سنة كاملة على أكل اللحوم وهو الأمر المنبوذ طبقاً لمعتقدات طائفته - إيماناً منه أن تفوق الشباب الإنجليزي كان بسبب أكلهم اللحوم - ولم تكن البشاعة في أكل اللحم فقط وخصوصاً أنه لم يتناوله إلا ستة مرات تقريباً خلال السنة ولكن البشاعة في إنتهاجه الكذب على والديه خلال تلك الفتره ، ثم مر بمحاولة تدخين السجائر لمدة ستة أشهر في مهده ولجأ في تلك الفتره إلى تدخين بعض الحشائش التي لها ذات التأثير لضيق يديه عن الإتيان بثمن السجائر ، ثم قاده إلحاح صديقه إلى بيت من بيوت الدعر ولكن الله أنقذه من هذه التجربة بسلام حيث لم يحظى في هذه الليله إلا بوابل من السباب ورمته الفتاه خارج غرفتها بعد إنكماشه في أحد أركان الغرفه ، ورغم وفاء غاندي لزوجته وثبات إخلاصه دون إحتمال للشك إلا أنه دخل هذه التجربه من إحدى أبواب الشيطان ، وكان نادم لها أشد الندم كما واجهتهه مشكلة أخرى مع زوجته في تلك المرحلة فقد كانت غيرته عليها دون سبب واضح مبعثاً لأن ينصب نفسه سجاناً عليها ومعلماً لها دون إدراك منه أنها مساوية له في جميع الحقوق والإختيارات وليست سجينته ، وبملمح طفولي كان يشعر بالخزي أمامها لأمر كان يطيح بقلبه وهو خوفه من الظلام وإحساسه بالأفاعي والأشباح تحيط به كلما وجدت ظُلمة من حوله رغم أن زوجته ما كانت لتهتم بأن تخرج بمفردها في أي وقت من الليل متحديه بذلك كافة المخاطر – وكانت تلك مجمل الإنحرافات التي وقع فيها غاندي في مرحلة تكوين شخصيته وهو ما ندم عليه أشد الندم بعد ذلك وكانت كفارته في هذا الأمر إدراكه بأن تلك الإنحرافات لم تفيده ولم يعرف لها أي ميزة سوى أنها كانت دافعه له على العدول عنها وإنتهاج الحق والخير في حياته المطله أمامه.
-

· عمد غاندي بعد ذلك إلى تحري الصدق في جميع أقواله وأفعاله وعندما لازم والده الفراش سَخرْ غاندي نفسه خادماً وممرضاً لآلامه وتعلم وهو بجوار والده - مستمعاً إلى الأحاديث الدائرة بينه وبين زواره - إحترام جميع الأديان وإحترام الكيان الإنساني رغم إختلاف الأجناس والمعتقدات ، وإن كان إيمانه بالله في هذه المرحلة لم يكن عن وعي وإدراك كامل بل بأن الأخلاق هي منبع كل شئ وأن الحق هو منبع الأخلاق وتعمق إيمانه وأصبح ملازماً للصيام كلما إشتد عليه حال وعرف أن صغار الآثام كأكبرها وأن طريق الفضيلة حقيقة مجردة منزهه عن أي لهو.
-
· بعد أن توفى والده أخذ بنصيحة قريب له بأن مستقبله سيكون أفضل عندما يدرس في بريطانيا وطمأن غاندي والدته بأنه سيكون محافظاً على كل عهود الحق التي عاهدها عليها ، غير أنه كان عليه أن يواجه كبير طائفته الذي رفض فكرة السفر من أساسها ولأي سبب كانت حيث تنهاهم معتقداتهم عن ذلك وأنه بسفره سيعصى أوامر الطائفة ويصبح من المنبوذين هو وكل من عاونه في سفره – غير أنه حان الأن أول كفاح لغاندي عندما كان رده هادئ الوتيره كطباعه ويتضمن ثقة في قراره وإحترامه كذلك للكبار قائلاً لكبيرالطائفة أنني في شأن سفري ودراستي في الخارج لا أملك من أمري شيئاً ومن رأيي أنه لا ينبغي لك أو للطائفة أن تتدخل في هذه المسألة.
-
· سافر غاندي إلى لندن والتحق بكلية الحقوق بإحدى جامعاتها وكان أخوه الأكبر هو من تلقى عبئ توفير الأموال اللازمة لذلك ، فكان وضوح الهدف أمام غاندي في سفره هو الأداة القوية لمعالجة وتذليل كافة الصعاب التي واجهها في دراسته – وكانت نباتيته دائماً مصدر إحراج له في جميع المناسبات وإختلاف العادات والتقاليد وصعوبة الدراسة من أكبر المعوقات ، وكان يحاول في بداية هذه المرحلة أن يصبح جينتلماناً إنجليزياً ليتماشى مع مقدرات المرحلة فأخذ يتعلم الرقص والموسيقى ، غير أنه بعد ذلك بدأ يستجلي هدفه من الحياة وأصبح يحيا بمنتهى البساطة وعلى مبدأ الإكتفاء بالقليل وكان ذلك يوفر له الوقت والجهد والتركيز ، وكان خجله الشديد في هذه المراحل درعه الواقي فكان قليل الكلام وفي هذا جم الإفادة من أنه يجعل المرء ينطق بعد تفكير وإمعان وأن الإسراف فى الحديث يحيد بصاحبه عن الحق ويقوده إلى المبالغة ومضيعة الوقت والجهد – معترفاً أنه في أى مرحلة كانت إذا ما جاوز الإنسان الحق والصدق فلابد أن يستلهم شجاعته ويستجمع نفسه من الخداع والكذب ويرجع إلى الطريق القويم.
-


-

· عاد غاندي إلى الهند ووجد نفسه محامياً يسعى ليتقاضى أضعاف ما يتقاضاه زملاؤة المحليين إلا أنه واجه مشكلة جادة وهي أنه لم يدرس القانون الهندي ولم يعرف أي شئ عن سير العمل في مختلف جهات القضاء ، وكانت أولي تجاربة في العمل كمحامي مُخزية أدت به الى الخروج مهرولاً من قاعة المحكمة بعد أن سخر القاضي منه ورد أتعابه إلى الموكل وطلب منه توكيل غيره ولم يعرف غاندي الطريق الذي سيسلكه في مقتبل حياته العملية إلا أن جاءته فرصة ليسافر إلى جنوب إفريقيا ليتابع سير العمل علي قضية مقامه لأحد كبار التجار الهنود هناك ولم يتردد وسافر دون أن يدري ماذا سيعمل تحديداً لإنجاز مهمته.

-

· واجه غاندي في رحلته إلى جنوب إفريقياً ثم إلى مختلف المقاطعات هناك ألواناً عديدة من التفرقة العنصرية والمواقف المهينة لكل هندي وخصوصاً فيما إشتهر به الهنود في ذلك الوقت من حط كرامة بعضهم مقابل جني الأموال ، وكان دائم المطالبة بحقه في المعاملة الموقرة وعدم التعدي عليه بدعوى أنه ملون (هندي) ، ولكنه في هذا الشأن كان يحاول دائماً الإلتفات عن كل تلك الإهانات ليصل إلى مسعاه من الإحترام والتقدير عازماً عن عدم إتخاذ أى إجراءات قانونية تجاه المُعتدين عليه من قبيل السلام الداخلي ولأن تلك الإجراءات كانت لن تؤتي ثماراً في هذا الشأن ، حتى أنه في العمل المنوط به أداؤه في جنوب إفريقيا فقد عمل على إنهاؤه تحكيماً بين الطرفين ، مُعتبراً أن عمل المحامي لن يجانب الحق والصواب إلا بعد أن يبذل كافة المساعي لحل النزاعات ودياً دون اللجوء للمحاكم معتبراً ان حتى مثل هذا السبيل لن يضيره على صعيد المادة بل سيضيف إليه قلب وروح نقية ، ونجح عمله في جنوب إفريقيا وحاز على ذلك كل التقدير.

-

· وفي مجال العلاقات والصداقات لم يكن غاندي يحزن أو يغضب من المحاولات العديدة التي حاولها معه أصدقاؤه المسيحيين ليؤمن بالمسيح شفيعاً له مخلصاً للبشرية وأنه لا سبيل لدخول الجنه إلى بتقبُله هذا المعتنق الديني – وكذلك حاول المسلمون وغيرهم من الأصدقاء – ولم يكن غاندي في هذا الوقت يعرف حتى عن الهندوسية ذاتها الكثير ، فَحمد لأصقاؤه هذا المسعى وإستغل شَغفهُ في التعرف أكثر على الهندوسية وكافة الديانات التي كان يحترمها جميعاً لأنها تَحُض على الحق والخير ، بل يرى أنه من واجب كل مؤمن أى يدرس الديانات الأخرى ويأخذ منها ما يتفق وعقيدته وكثيراً ما سيجد إتفاقاً ويتجنب ما تنهاه عقيدته فيصبح بذلك مؤمناً قوياً في إيمانه متبصراً بعقائد غيره محترماً لها وخصوصاً أن الديانات جميعها في أصلها مردها إلى الخالق العظيم.

-

· إلا أن غاندي لم يغادر جنوب إفريقيا فور إنتهاؤه من عمله وذلك إذعاناً منه لرغبات العمال الهنود الذين طلبوا منه الوقوف بجانبهم في مآسيهم ومظالمهم ولم يضن عليهم بوقته وجهده وبدأت مسيرة كفاحة في جنوب إفريقيا وبدأت شهرته على صعيد الكفاح السلمي والإعتصامات المدنية تتسع وتترامى أطرافها وكان غاندي في هذا الشأن يعتمد إعتماداً أساسياً على مبدأ البساطة في الحياة وأخذ يعتمد على ذاته ويميل إلى العمل اليدوي لتحقيق الإكتفاء في مختلف النواحي حتى أصبح قدوة لجميع أتباعه.

-

-

· وفي فتره ما تفشى فيها الطاعون وسط الجاليه الهندية أخذ غاندي يُكثِف كفاحه ومساعيه موقناً أنه بقدر ما كان يجب عليه رفع المظالم والمطالبه بحقوقهم بقدر ما كان يجب عليه والإخرين إبراء أنفسهم من المساوئ والأدران التي تحتل نفوسهم وعاداتهم وكان ذلك فيما إشتهر به الهنود من قلة إهتماماتهم بنظافة بيوتهم وبعض العادات السيئة ، ورأى في هذا المسعى أن المُصلِح لن يسلم في كفاحة من الصد والعناء وربما الإضطهاد ولذلك فعليهم دائماً أن يتحلوا بالحق والعزيمة والصبر طالما كان إلاصلاح هذا لوجه الله والإنسانية وسوف يؤتي صبره وعناؤه خيراً بعد ذلك.

-

· وعندما حان الوقت لعودته إلى الهند - بعد قِسط لا بأس به من الإصلاحات في الأحوال المعيشية والقوانين التي تنطبق على الجاليات المضطهده – إنعقدت المؤتمرات لتوديعه وجمعوا له كميات من الذهب والفضة والأموال شكراً لمساعيه ، إلا أنه تقبلها بقلب سقيم فليست الأموال هي الجزاء من خدمة الناس وليس هذا ما يُربي عليه أهل بيته ، وفي الوقت الذي يزداد فيه حاله بساطة على بساطة ويستغنى هو وأهله عن كماليات الحياة لن يكون من السهل رفض تلك الهدايا ولن يكون في مقدوره كذلك قبولها فأودع تلك الهدايا في ودائع إستثمارية وأوصى بها بعض زعماء الجاليات ليستوثقوا من خدمة الجاليات من ريعها ، وفي هذا الشأن خاض جدال كبير مع زوجته التي كانت تعارضه التصرف إلى أن إقتنعت برأيه قانعه بما لديهم من سُبل الزهد ثم عادوا إلى الهند.

-

· وبالمخالفة لمقدرات عصرنا الحالي كان موهنداس غاندي فائق الإستعداد والقدرة على التفاعل والتأثر والمشاركة في أي محنة تخص مجموعة من الناس وكانت عزيمته قوية في التنقل وعدم الإستقرار في مكان إلا بالقدر الذي يرعى فيه مصالح الناس ويرد إليهم حقوقهم عن طريق الكفاح السلمي ، ورأى أنه في سبيل تحقيق الكفاح السلمي المنزه عن أي عنف لابد أن يعيش الناس حد الكفاف والإكتفاء الذاتي فأخذ ينشئ نماذج لتجمعات إنسانية تكون معيناً لهم في التصدي لظالميهم دون اللجوء إلى إستجداء المساعدات من القادرين ، وكان يميل إلى تعلُم الحِرفْ اليدوية - حيث يرى أن الآلات تَستعبد الإنسان وأن عليه صنع كل ما يحتاج إليه بيديه - واللجوء إلى حياة التبتل والزهد عن مشتهيات الحياة.

-

-

· وتعرضت حركته السلمية لإنتقادات لازعة بأنها لا تجدي نفعاً كونها سلبية ، وإن كنت أرى ناقداً أن الساتياجراها تعتمد في المقام الأول على إستجداء روح العطف والحنو في القلوب الظالمة وأن هذا لا يرد مظالم بل أن غاندي تعرض في كثير من المواقف في كفاحه إلى توريط نفسه وأتباعه في قسوه تضاف إلى الظلم الواقع عليهم مسبقاً وأن الحركة السلمية لابد لها - بجانب الإكتفاء الذاتي والكفاف الذي إتبعه غاندي – من قوة وعزيمة تُرَدْ بها المظالم ، غير أن غاندي يرى أن حركته تُجبر الظالم بشكل سلمي على الرفق بالمظلوم لما بها من القوة المنبعثة من الحق التي تؤتي ثمارها إذا ما إهتدى اليها الإنسان عن طريق الحق وخلوه من أي كراهية حتى تجاه المعتدين ، وجدير بالذكر أن دعوة الساتياجراها دعوه تستحق الإشادة وإن كانت لا تُقبل كلها ولا تُرفض كلها ، ويرى عباس محمود العقاد أن الساتياجراها يمكن أن تكون تطرف في السلم ( فالعدوان ممنوع ورد العدوان حق والصفح عند المقدرة جائز وهو أقرب إلى الخير ) وهو ما تميز به التشريع الإسلامي كوسط بين نقيضين.

-

· وكان غاندي يؤمن بتناسخ الأرواح كما هو وارد في الديانات البرهمية إلا أنه كان يعارض عقيدة التأيُمْ ( حرق الزوجة مع زوجها المتوفي ) وهو ما لاقى عنه إعتراضات شديدة في أوساط المتعصبين للبرهمية – وكان يعزي قوله أنه لوجب بصحة ذلك المُعتقد حرق الزوج مع زوجته المتوفاه ، وكان يرى أنه من الأصلح أن تتخلص الهند من عادة زواج الأطفال ويرى في الزواج ذاته علاقة روحية لابد أن تتخلص من أدران العلاقات الجسدية (الموكشا) إلا بغرض النسل ، وكان ذلك يستحيل على قلوب الشباب من متبعيه وإن كان لم يقل في نظرهم بل أعدوه من مرتبه الأنبياء المُخلصين لدعواهم – وأرى بطبيعة الحال إختلافاً شديداً مع تلك الرؤيا ومضمون الإختلاف يرجع إلى أسباب عقائدية ، ويكفيني معها نقده بشأن الإعتقاد بها وليس لإغفاله حقه ونقاؤه في كثير من المناحي الأخرى وخصوصاُ السعى وراء الروح في مقابل المادة ، وإذا كانت لغاندي متناقضات كثيرة ذُكرت في أكثر من موضع فأن مرد تلك المتناقضات كلها إلى النفس البشرية وإن كانت تصبوا إلى التطهر .

-

-

· وهكذا كان غاندي يرقى إلى مرتبه النبوه في قلوب البراهمة الهنود وغيرهم من جميع الطبقات والأديان فصار قديساً غير مشكوك في إخلاص دعوته إلى إتباع الحق والإلتفات عن موبقات التمييز بين الهندوس والمسلمين وهي من كبرى مشكلات الهند في ذلك الوقت ، وإن كان لابد للإنسان من سياسة للنبذ فلابد ان تكون لنبذ كافة سُبلْ التفريق والظلم والإعتداء على حقوق الآخرين وسلبهم مكانتهم بغض النظر عن جنسهم أو معتقداتهم ، وتحمل في نشر هذه الدعوة طوال حياته جميع الأخطار التي حَدْقت به ومن معه وسجن على آثر كفاحة هذا أكثر من مرة ، وكان نموذج جلي على إمكانيه ممارسة السياسة من خلال أخلاق الدين أو المثل العليا وإحقاق الحق وتحري الخير
-


-

(مصرعه)

وفي شهر فبراير من عام (1948) إمتدت يد شاب من المُتعصبين الهندوس بمِعول الشر إلى إزهاق روح غاندي وهو متوجه إلى الصلاه متوكأ على حفيدتيه ، وكفى بأي إنسان شراً بأن يضمر نية قتل بداخلة فما بالك بان يكون القتيل غاندي وكان ذلك إثر إستهجان غاندي للمجازر التي أحدثها الهندوس بالمسلمين عقب جلاء القوات البريطانية على مرأى من الشرطة والحكومة الهندية ، ونذر غاندي الصوم حتى الممات إن لم ترجع للمسلمين حقوقهم التي سُلبت منهم وكفْ الأذى عنهم وأنه لو توجس المسلمون شراً بمثل تلك الحكومة وأقاموا دولة إسلامية (باكستان) موازية للهند فيكون لهم كل العذر إنصافاً لما لاقوه من أهوال ، وهكذا كان المشهد الأخير من حياة موهنداس كرمشاند غاندي والتي لم يحيا خلالها إلى بملازمة الحق أينما وجد ومهما سيواجه في سبيل تحقيقه.



-

http://www.youtube.com/watch?v=HCbWH0TC870

المراجع:

* كتاب في سبيل الحق (قصة حياتي) لغاندي بترجمة محمد سامي عاشور

* كتاب روح عظيم (المهاتما غاندي) لعباس محمود العقاد

ملحوظات :

*الموضوع تلخصيصاً ذاتياً وعليه فإن معظم المادة العلمية الواردة فيه واردة نقلاً وإقتباساً ، والمراد منها إجمال الفائدة للتذكرة وليس لأغراض النشر

* مع حفظ كافة حقوق الملكية الفكرية - الخاص بالمادة العلمية أو الصور أو الروابط المرفقة بالنص - لأصحابها


الأحد، 14 نوفمبر 2010

الإنسان والحياة ( الغرض والكيفية )



عفواً أيها الإنسان !! .. أنت لست محور الأكوان ، ولسنا مركزاً تدور من أجلنا الأفلاك، بل ندور معها فى ذات المسار هي لم تخلق عبثاً ونحن لم نخلق سدى ، ومن هنا يجب أن نتخلص من أوهامنا ونتحد مع الكون فى غايته وحينها نشعر حتماً بالسعادة.

.

خلق الله الكون بقدر ولغايه يعلمها عز وجل ووضع الناموس ( القوانين الحاكمة ) لحفظ خلقه وخلق الإنسان فى أحسن صورة ونفخ فيه من روحه ووهبه معجزة العقل والتفكر والتي حمل معها الإنسان الأمانة – أمانة الحياة والعيش – وسخر له من كل شئ بقدر علم الإنسان بأحكامها وأنزل الوحي على المختارين من خلقه لكي يعرف سائر الناس الغرض من وجودهم على الأرض وهو عبادة الله الخالق العظيم وإعمار الأرض بالحفاظ على مواردها والإرتقاء بالجنس البشري.

.

تلك النظرة الشمولية لحياة الإنسان وما حوله من عوالم كان لابد أن تظل ثابتة وبارزة لأنها تحمل في طياتها الكثير ، أما عن الكيفية التي يمارسون بها بنو البشر نعمة الحياة ستضح فيما آل إليه الحال .. من حروب على شطري الزمان والمكان ، وما إستتبعه الأمر من تفكك للطبيعة ومواردها واستنزافها على مرأى العيان والأسماع ، وحنق وغل وفقر ويأس متفشي لا يعبر إلا عن فقدان للهدف من الحياة – ومتى فقدت الهدف فافعل ما شئت فأنت حل من أى إتجاه أو منهج – وهناك من يعي الهدف من الحياة وهم أفراد إما منعزلة أو تجدها غارقة في جموع المشتتين درباً ( وهم الطبقة الآخذة ) وصفة الأخذ تتجلى فى السلوك الفردي والسياسات الحاكمة.

.

وإن علت أصوات لحث المجتمعات على الإمتثال لنداء الطبيعة وتلبية الحاجة إلى التناغم التي يقتضيه بالضرورة إنجاز مهمة إعمار الأرض بالعطاء والأخذ ، فلا تجني إلا الصمت والتجاهل ثماراً ، ولكن يبقى الأمل في أن تزداد العقول صفاءاً بزيادة الواعين لهدف ومعنى الحياة فى مقابل الغارقين في كدر المادة.

.

معنى الحياة

عبادة الله فطرة إنسانية بإختلاف أشكالها ومناهجها فالله خالق كل شئ - ولا يجد الإنسان مفر من عبادة من يسبح لعظمته كل شئ – فتجد من البشر من ينكرون وجود الخالق بإثبات صيرورة الخلق صدفة ، يقدسون على أثرها جمال الطبيعة فحين ترتد الطبيعة عن جمالها لن يتبقى لهؤلاء إلا خالقها يهتدون إليه أو يرفضون الحياة فيسيرون إليه مقبورين ، وتجد أيضاً المؤمنين بالله كل حسب عقيدته ولكنهم حين يفقدون الصورة الشمولية من الحياة يرتدون هم بوجوههم عن جمال الطبيعة وتناغم الحياة.

ويواجه الإنسان في كيفيته لممارسة الحياة - ثلاث إشكاليات :

1. العمل :

- الطبيعة البشرية لا تمهل الإنسان إختياراً بديلاً عن العمل حيث يستطيع الإنسان معه الإعتماد على النفس لتوفير قوت يومه التي يحتاجوه للعيش

- ولكن يحظى الإنسان بالسعادة والنجاح فقط فى إطار العمل حين يضع الصورة الشمولية وهدفه من الحياة نصب عينية فيهتدي حينها لرغبته في عمل يستطيع معه أن يخدم المجتمع البشري من حوله ولا يعتدي به على الطبيعة وأن يمارسه بإتقان

2. التعامل مع باقي أفراد المجتمع :

- جدير بالذكر أن ما آل إليه الحال في إطار العلاقات بين الأفراد فى المجتمع الواحد أو بين المجتمعات المختلفة ينطوي علي إشارة واضحة لفقدان معنى وهدف الحياة

- وأصل العلاقة الحقيقة بين الأفراد تكمن في المعرفة الأكيدة لحاجة كل فرد لباقي الأفراد وأن الإنسان لا يستطيع النجاة إلا بوجوده فى إطار مجتمعي يلبي حاجاته ويستوعب معه أن يكون مساهماً في تلبيه إحتياجات الأخرين

3. الحب والزواج :

- الحقيقة الواضحة أن الجنس البشري يتكون من ذكر وأنثى وكلاهما إنسان ، ويحتاج كل منهما الأخر بشكل أساسي للتكاثر والحفاظ على النسل البشري

- إلا أن ذلك ليس هو الرابط الوحيد بين الذكر والأنثى التي يستقيم معه الحياة ، فمثلما يحتاج كل فرد إلى باقي أفراد المجتمع للحياة بشكل عام فإنه يحتاج إلى فرد بعينه من الجنس الآخر بشكل خاص يكون سكن لنفسه الروحية ويكون هو سكن الآخر بالمقابل ( عطاءاً وأخذاً )

.

في حين أن الإنسان إذا ما فقد الهدف من وجودة على الأرض تختل معه نظرته للحياة ويقع في شرك الإشكاليات السابقة ويفقد إدراكة لمفهومها الصحيح فيفقد الإتجاه ويصبح لا يعبأ إلا بالأخذ وتلبيه إحتياجاته هو بشكل شخصي ( وكذلك على إطار المجتمعات ) فتختل معه قوانين الطبيعة ويصبح فى كدر من العيش لإنه فقير بما يأخذ ضعيف بما يستحوذ عليه بالقوة.

.

التحديات العصرية لمواجهة الحياة طبقا لمفهومها الشامل

· إحترام العقل والروح :

- يجب على كل إنسان أن يولي إهتمامة أولا بالعقل والعلم ، ولكن ليس فى الإطار المادي والسباق الجامح الذي لا يسير إلا فى ركاب الفكر الآخذ وإنما بالعقل الإنساني والعلوم بشكل مجرد موجه للبشرية بأجمعها.

- خلقنا الله من روحه وأودعها أجسامنا نحيد بها عن طبائعها النورانية سعياً وراء المادة الفوضوية وعلينا من أجل إنقاذ وجودنا أن نرقى بأرواحنا عن دنس الأخذ والظلم والتعامل معها بنقاء خلقها وحصاد عجائب إعجازها التي توارى عنا بعدم إدراكنا لمكنون النفس البشرية.

· التخلص من الأوهام :

- تراكمت لدى الإنسانية أوهاماً أودت به إلى فقدان الهوية الإنسانية ذاتها وتلك الأوهام تتخفى في مصطلحات مقبولة ولكنها تنطوي على خديعة لمفهوم الحياة

1. السيطرة :

وهم أن يكون الإنسان مسيطراً على كل ما حولة يتخفى داخل حلية تشعر الإنسان بالإطمئنان فهو إذ سيطر على مجريات الأمور في حياتة فسيقود قدره ومسيرته الحياتية بشكل مدروس ومخطط له إلى نهاية سعيدة

وتنطوي خديعة السيطرة حينما يقوده طمعه على التحكم فى الطبيعة ذاتها وتختفي من روحه قوانين التناغم فينقلب كل عمله عليه

2. الرغبة في التكاثر دون الحاجة :

لم يصبح الإنسان يقنع بما يسد حاجته وإنما أصبحت رغبته فى الإكثار من جمع كل ما يستطيع جمعه دون النظر إلى حاجته الفعليه وإكتفاءه منها ، ودون النظر إلى حاجات الأخرين ، بل ومن حاجات الطبيعة ذاتها

وقد مر زمن على أقوام كانت لا تزرع إلا ما تقتات به ولا تصيد إلا ما تحتاجه فعلا ، فتكتمل معها الدورة الحياتيه للفصائل ولا تختل من تحت أقدامهم الطبيعة

3. إحترام الآخر:

يجب أن يسود الحب تعاملات الإنسان مع الآخر والحب يتجلى هنا فى إحترام مقدسات الآخر وإحترامنا لحياته وتفكيره وخصوصيته وأهميته ، كما نظن في أنفسنا ذات الأحقية ونفس القدسية.

ويجب أن يتعدى هذا الحب تعاملنا مع الكائنات الآخرى لإنها ضرورية ولها قدسيتها ، وبما أننا لسنا مركز الكون فلم لا نتخيل أنفسنا كائنات أقل درجة من كائنات تعلونا وتعاملنا بما نعامل به الطبيعة من حولنا.

.

ربما يتضح المفهوم العام والهدف المشترك من وجودنا على كوكب الأرض ، وتحظى المجتمعات بسعادة السعي وراء ذلك الهدف.