الاثنين، 15 مايو 2023



مثنوي مولانا جلال الدين الرومي، عمل أدبي روحاني متعدي، لا يمكن أن تقف على معانيه ومراميه حرفياً، وأظن أنه ليس بدعاً من الكتابات الصوفية، فهي في معظمها، قائمة على التجربة الروحية الشخصية لأصحابها، فمنهم من صادق الله فصدقه وأكرمه، ومنهم من شطح لا نعلم عن شطحته سوى الظاهر منها والله أعلم ببواطن الأمور وظواهرها.

وعلى هذا فإن المثنوي على قدر كبير من العمق، سواءً من حيث الاسترسال في بعض المواطن، أو التكثيف بالرمز في مواطن أخرى، وكذلك فهو عامر بضرب المثل، فيجب أن يُقرأ بتأني، فأثناء قراءته توقفت أحياناً عن بعض المعاني التي استغلق عليّ فهمها، وأحياناً أخرى كان المعنى واضحاً سلساً متوافق مع النصوص الشرعية وفهمنا العام لها، وفي قرائتي الأولى للمجلد الأول من المثنوي تجاوزت عن كثير من المعاني التي تخالف المستقر أو تسترسل في أحداثه دون سند، فمن أين ستأتي بالمصادر وتقارن بينها، إلا أن تذهب فتحقق المخطوط الأصلي بلغته، ويمكن أن أعزي بعض التلغيز في الترجمة ذاتها، مع كامل تقديري لمترجم ومحقق ذلك العمل، فلا شك أن عملية الترجمة من أشق الفنون، وكذلك في المشهد التاريخي والمعرفي الذي كتب في ظلاله المثنوي.

ويجب الإشاره إلى أن مبلغ طموحي في قراءة ذلك العمل في هذه المرحلة هي، الوقوف بشكل عام على المضمون الروحي له ومقارباته المختلفة للنصوص الظاهرية على قدر تحصيلي لها. فيالله أنعم وأكرم وفض علينا من بركاتك.