الأربعاء، 27 يناير 2010

فراغ الكلمات




الفراغ في ناظرى ليس الهوة التي تطل عليها اجسادنا فتهوى داخل اللاشئ ،، وليست تلك الفجوة التى كانت تغزو قلبي منذ أشهر قلائل ، وإنما هو ذلك العجز الذي يتحول معه ملئ عينى من المرئيات وملئ عقلى من أفكار إلي لا شئ ، فتنعدم معه محاولاتك ودأبك الى المراد ويصبح حاصل جمع سعيك صفراً صحيح .


وقد تجد بعض الأصوات تحاول دوماً ان تلقنك مبادئ الصبر وفضائله على النفوس المؤمنة او تهون عليك آمله فى غدنا الخير ، فلا تجد صدي لها داخلي إلا بأن أشعر اني ما عدت مؤمنا بصبر ما ، أو حتي يهون علي فال الخير بغد لم ابصر كنهه ، وتتهاوى فى عينى محاولاتى ويترائي لي سعيى ناقصاً مبتورا .


ويتجسد أمامي الفراغ ممتلئ فأدرك أني على حافة الجنون ، نعمة الانسان هي نقمته ، فقد اصبح بناءاً على اختياره سيد نفسه ، وقد ملكه الله اختياراته ولا منأي عن معرفة نتائج تلك الاختيارات إلا باجتيازها ، وحكم عليه ناموس الكون يسرى وفقا لمقادير الاهيه - ويتجلى عبث التفكير لدى عندما لا يصبح هناك تأثير لما تؤمن به وتصبح وكأنك ترتكب أشد الجرائم عمداً رغم معرفتك المسبقه بعقوبة ارتكابها و تعاقب ذاتك على ارتكابها بأشد من العقوبات المقرره لها ، فتقع فى شرك الحمق المتناهى التى لا يجدى معه نصحاً أوارشادا ، وكأن كل ما يتفتق به ذهنك هو فراغ كلمات تمتلئ بها خلايا عقلك وتتبخر معانيها مع انفاسك الصاعده .


قرأت منذ يومين خبراً لشاب انهى حياته لعجزه عن سد رمق أقل امانيه ، وكم كانت تلك الفكرة براقه بناظرى ، فيها جلال ، وتحيطها القوة المتناهية وصاحبها يمتلك من العزم على اتخاذ قرار مصيرى بحق ( قرار فناء ) - وان كانت فى مكنونها أحمق الأفكار واشدها كفراً برحمة الله عزوجل - وكأن صاحبها قد فطن الى انه لم يقحم فى هذه الحياة بناء على طلبه او موافقة منه وإنما كانت الحياة بالنسبة له اختباراً من الوارد جدا ان لا يكون مؤهلاً له ، كما ان الاخرون قد وجدوا انفسهم مؤهلون بالصدفة لاجتيازه .


ومع ذلك أجد ذاتي عاجزاً عن كل الاختيارات ، عاجزاً عن انهاء اللعبة والرضا بالهزيمة "خوفاً من عقاب مجهول ينتظرني دون احتمال لرحمة او شفاعة ، أو حتى طمعاً فى أن اجتاز الاختبار بالصدفة" ، وعلى الوجه الاخر اجد ذاتي عاجزاً عن خوض غمار اللعبة متحملاً هذا الفراغ .. فراغ الكلمات .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق